الأستاذ محمد صالح Admin
عدد المساهمات : 229 عدد النقاط : 17267 تقييم العضو ( هام جدا ) : 300 تاريخ التسجيل : 24/05/2010
| موضوع: المقدمات الخاطئة السبت يونيو 05, 2010 12:38 pm | |
| أنا سيدة شابة, كنت قد تعرفت خلال دراستي بالجامعة علي شاب يكبرني بعامين وبعد أن تخرجنا تمت خطبتنا.. وتزوجنا بعد ذلك بثلاث سنوات.. ولن أكذب فأقول لك إننا قد تزوجنا بعد قصة حب رائعة كما تقول سيدات كثيرات في رسائلهن ولا أن فترة خطبتنا كانت أسعد أيام العمر.. لأن ماحدث كان علي عكس ذلك تماما, فكانت فترة التعارف مليئة بالعذاب والمعاناة, وقررت خلالها أكثر من مرة الانفصال عنه, وفي كل مرة كان يرجع إلي ونبدأ قصتنا معا من جديد, ولا أعرف حتي الآن لماذا كنت أصدقه في كل مرة.. وأتوسم فيه أنه سيكون إنسانا مختلفا.. وقد استمر الحال علي ماهو عليه خلال فترة الخطبة فلم تكن أقل معاناة من فترة الحب والتعارف.. لأنه قد أضيفت إلي طباع خطيبي الصعبة خلالها مشاكل الشقة والجهاز وخلافات العائلتين, لكني كنت أقول لنفسي دائما إنه يحبني وأنا أحبه وأنه بمجرد أن يجمعنا بيت واحد ستزول كل الخلافات والعقبات وسنصبح أسعد زوجين في العالم.. وهكذا احتملت فترة الخطبة, التي دامت ثلاث سنوات.. كانت معاملته لي خلالها في غاية السوء.. ووصلت علاقتنا خلالها إلي حافة الانهيار عدة مرات.. وفي كل مرة كنت أفقد فيها صبري وأطلب إنهاء الخطبة, كان يتحول الي حمل وديع..ويعدني بأنه سوف يغير طريقة تعامله معي.. فأتراجع ونستمر في خطبتنا ثم لا يلبث أن يرجع سيرته الأولي من جديد. وأخيرا تزوجنا وحاولنا خلال الفترة الأولي من الزواج أن نسعد بحياتنا وننسي كل ماجري بيننا خلال فترتي الجامعة والخطبة, فلم تمض عدة شهور فقط حتي بدأت الخلافات بيننا من جديد, وكان من الممكن ان تكون هذه الخلافات عادية ومما يحدث بين أي زوجين إلا أن ماأصبح يرافقها من سب وإهانة وضرب إلي حد أن يتورم منه جسمي قد دخل بي في مرحلة جديدة من المعاناة لم الفها في حياتي وأنا التي نشأت في أسرة هادئة ومحترمة لم أر فيها سوي المعاملة الهادئة المحترمة والمودة والرحمة بين الزوجين. وفي كل مرة كنت ألتمس له العذر فيما يفعل وأبرره لنفسي بأنه حين يتخلص من الضغوط والأعباء الواقعة عليه في عمله أو مع اسرته فلسوف يرجع الي رشده, لكني وبعد ثلاث سنوات من الزواج أنجبت خلالها طفلة أري سوء معاملته لي يتصاعد كالخط البياني الذي يتجه دائما إلي أعلي, ويتدرج من السب واللعن إلي الضرب.. إلي تحطيم الفازات وتحف المنزل إلي استخدام الشبشب, ومبرره دائما في ذلك هو أنني قد أخطأت في حقه او عاندته, والحق أنني وبعد أن تحملت كثيرا لم أعد أطيق السكوت وأصبحت أرد عليه وألعن اليوم الذي رأيته فيه في محاولة من جانبي لمعادلة إحساسي بأنني متهورة أو مغلوبة علي أمري.. والمشكلة هي ان زوجي يؤمن بأن من واجبه كرجل ان يربي زوجته ويعاقبها بما يعن له من عقوبات كالسب والضرب.. والحرمان من الخروج والحبس في غرفة من غرف البيت يطلب مني الا أغادرها طوال يوم التكدير, حتي ولو إلي الحمام, أما الزوجة فليس لها إلا أن تطيع زوجها وإذا رفضت القبول بالعقوبة فلا يدعني أنام إلا وأنا كالقتيلة من الضرب, وكل جسمي يؤلمني. ولقد فكرت كثيرا في الطلاق لكني أخشي علي ابنتي من عواقب الانفصال إلي جانب أنني قد فقدت الثقة في نفسي.. ولست علي يقين من أنني استطيع مواجهة الحياة وحدي.. كما أن زوجي العزيز يري أنني لا أصلح لشيء فلا أنا ناجحة في نظره كزوجة ولا كأم ولا كسيدة لأنني غبية ومستهترة وشخصيتي ضعيفة ومهزوزة إلخ, والحق أنني أشعر بأن بداخلي شيئا مكسورا بالفعل حتي أنني لا أقوي علي محادثة أي صديقة لي لشعوري بأنني لست امرأة لها كيانها.. وإنما أنا أقل من كل السيدات اللاتي أعرفهن من ناحية الشخصية والكيان وليس من ناحية الشكل أو المادة. ولا يهون علي بعض ماأعانيه مع زوجي إلا إحساسي الداخلي بان الله يعاقبني بذنبي لأنني قد أغضبت أبي وأمي وتحديتهما وأصررت علي الارتباط بزوجي وإتمام زواجي منه بالرغم من أنهما قد اكتشفا عيوبه ونصحاني كثيرا بعدم الزواج منه, فتزوجته رغما عنهما وأنا أعلم أنهما غير راضيين عني.. ولهذا فإني أعتبر نفسي الأبنة العاقة التي لم تطع أبويها فأذلها الله بزوج يفتري عليها وليس أمامها إلا ن تطيعه وتتحمله.. والمفارقة هي أن زوجي يعتبر نفسه طيب القلب وحنونا ويراعي الله في بيته وزوجته, ولا يفوته فرض من الفروض الدينية, لكنه إذا خاصم فجر لقد قررت ألا أنجب ثانية حتي لا يصاب أبنائي بالعقد النفسية بسبب هذا الأب الظالم المستبد.. وأنا الآن في صراع بين هل أربي ابنتي في هذه البيئة غير الصالحة نفسيا وتربويا لتنشئة أطفال أسوياء, أم أنفصل عن زوجي وتتحمل ابنتي عواقب هذا الانفصال, وإذا كنت أنا استحق هذا العقاب لأنني أغضبت أبي وأمي, فما ذنب طفلتي ؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول: المقدمات الخاطئة لابد أن تؤدي الي نتائج مماثلة ياسيدتي, وأنت قد لمست خلال فترة التعارف الأولي وطوال فترة الخطبة التي استغرقت ثلاث سنوات كل سلبيات شخصية زوجك التي حذرك منها أبواك كثيرا, وبالرغم من ذلك فلقد تجاهلت النذر الخطيرة وتمسكت بالأمل الواهي الذي يتعلق به آخرون في مثل ظروفك في أن ينجح الحب في النهاية في احتواء السلبيات واستكمال المسيرة في أمان. ولقد قلنا مرارا إنه إذا كان الحب قلبا غفورا, فإنه لا يكفي وحده لتهيئة الظروف الطبيعية لاستمرار الحياة الزوجية, لأن العنصر الأساسي في ذلك هو حسن المعاشرة والاحترام المتبادل بين الطرفين واعتدال المزاج النفسي كل من الزوجين وتقارب رؤيتهما للحياة, وتوصلهما معا إلي حل مرض لهما معا للمشاكل الأساسية كالانجاب والعمل.. ومستوي المعيشة والدخل الخ. أما الاعتماد علي الحب وحده كقاسم مشترك أوحد بين طرفين لا يربط بينهما بعد ذلك أي جامع آخر فإنه لا يؤدي غالبا إلا إلي الفشل والمعاناة بعد فترة تطول أو تقصر. وسلبيات شخصية زوجك كما فهمتها من سطور رسالتك هي الحدة العصبية.. وصغر السن, حيث لا يزيد فارق العمر بينكما علي عامين, ومفهومه الخاطيء عن حق الرجل في تربية زوجته بالسب والضرب والحبس والحرمان من أي شيء يراه مناسبا للحال. ولقد توقفت في رسالتك أمام الأثر النفسي السلبي الذي خلفه اعتياده معاقبتك بالضرب المبرح.. وهو افتقادك الثقة في النفس وإحساسك بالعجز عن مواجهة الحياة وحدك, وشعورك بالدونية تجاه غيرك من السيدات من ناحية الشخصية والكيان, فرأيتها كلها نتائج طبيعية للقهر وافتقاد الإحساس بالجدارة والكرامة الإنسانية والأمان. ومن عجب أن هذه الآثار السلبية قد تدفع من يتعرض لها لزيادة الاعتماد علي من يقهره ويسحق شخصيته بدلا من الثورة عليه في بعض الأحيان, تماما كما قد تتعلق الشعوب المقهورة في بعض المراحل بالطغاة الذين يحكمونها ليس حبا لهم.. وإنما خوفا من التغيير والمخاطرة لأنهم قد حطموا إرادتها بالقهر والإذلال وافقدوها الثقة في قدرتها علي امتلاك مصائرها. وقديما قال أديب الإنجليزية الأعظم شكسبير علي لسان كاسيوس في مسرحية يوليوس قيصر: لو لم يكن أهل روما وعولا.. لما أصبح قيصر أسدا وماينطبق علي الشعوب قد ينطبق في بعض الأحيان علي الأشخاص في حياتهم الخاصة, وجزء كبير من احتمالك لسوء عشرة زوجك لك يرجع إلي تسليمك في أعماقك باعتباره عقابا سماويا لك علي تجاهلك للمقدمات الخاطئة وتحديك لإرادة أبويك بالمضي في مشروع الزواج بالرغم من كل النذر المحذرة. غير أن لكل عقاب حده الأقصي ياسيدتي. ومن حقك علي زوجك الذي مازلت بالرغم من كل شيء تحبينه وتتمسكين بالأمل فيه أن يحسن عشرتك ويتخلص من مفهومه الخاطيء عن واجب الرجل في تربية زوجته. ويكف نهائيا عن مد يده بالأذي إليك مهما تكن أسبابه ومبرراته.., ومن واجبكما أن تتوصلا معا إلي كلمة سواء يستجيب عندها كل طرف منكما إلي مطالب الآخر منه لكي تتفاديا أسباب الاحتكاك والصدام. فإذا كان المثل الإنجليزي يقول إنه يحتاج الأمر إلي شخصية لكي تقع مشاجرة, وأنه لا يمكن أن تقع مشاجرة بين طرف واحد ونفسه! فإن ذلك يفرض علي كل منكما أن يتفادي بقدر الإمكان استفزاز الآخر أو استثارته.. أو تجاوز خطوطه الحمراء التي يعلم علم اليقين أنه لا عائد لتجاوزها إلا الصدام والعراك. وفي كل الأحوال فإن التزام الحدود المرعية في الخلاف كفيل بتجنب الشطط والانفلات والإيذاء البدني والمعنوي. فأدعي زوجك ياسيدتي إلي فتح صفحة جديدة في حياتكما معا لا يكون فيها أي مجال للإكراه البدني والإهانات الجارحة واشعريه بعزمك علي عدم قبول الإهانة والإيذاء بعد ذلك ولو أدي الأمر إلي التسليم بفشل التجربة وتحمل تبعات الفشل أيا كانت, ولا بأس إذا اقتضت الضرورة وبعد ان تستنفدي معه كل الحيل في أن تستعيني عليه بأهله أولا ثم أهلك ثانيا, وذكريه في كل حين بأن طيبة قلبه و حنانه و رعايته لحدود ربه في بيته وأسرته لا تكتمل إلا بأن يتأسي بالرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه في حسن معاملته لزوجته وهو القائل خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم,. فإن لم تجد كل الحيل في النهاية فلا مفر من الاعتراف لنفسك بخطأ الاختيار وتصحيحه بنفس القدرة التي استطعت بها من قبل تجاهل كل علامات التحذير.. وتحدي الأبوين وتحمل غضبهما عليك.. والاستمرار في مشروع الزواج الذي لم يرضيا عنه وحذرا منه منذ البداية! | |
|