ساره عضو مبتدىء
عدد المساهمات : 20 عدد النقاط : 15937 تقييم العضو ( هام جدا ) : 0 تاريخ التسجيل : 27/05/2010
| موضوع: حد الكراهية! الأربعاء يونيو 30, 2010 11:13 pm | |
| أنا سيدة في بداية الخمسينيات من العمر.. متزوجة منذ أكثر من ثلاثين عاما.. كانت لدي قبل زواجي كل المقومات التي تجعلني مرغوبة بشدة.. فأنا من عائلة محترمة ومتدينة, ومعروفة بين الجميع بعقلي واتزاني.. ومشهود لي بالجمال.. وحاصلة علي شهادة أهلتني لأن أعمل في مركز مرموق مازلت أشغله حتي الآن فكان ان تهافت علي الكثيرون, لكن إرادة الله شاءت لي أن أرتبط بالإنسان الذي نجح في إقناعي بأنه الأفضل لي بما له من خبرة طويلة في التعامل مع الجنس الآخر.. ومنذ بداية الزواج, اكتشفت فيه أشياء كثيرة.. فهو أناني.. جبان.. مخادع.. غشاش.. خائن, ولن أطيل عليك في سرد تفاصيل لن تقدم ولن تؤخر في شيء.. لأنه باختصار, الإنسان الذي نجح في شيء واحد فقط هو أن جعلني أكره نفسي.. وأكره اليوم الذي ولدتني فيه أمي.
ولقد حاولت جاهدة, وبمنتهي الإخلاص والثقة, أن أغيره في السنوات الأولي من الزواج, تارة بالحب وباللين, وأخري بالغضب والخصام, ولكن.. لا فائدة.. لم يجد معه تفاهم.. ولا دموع.. ولا أي شيء آخر.. لم أطلع أحدا مطلقا علي ماأنا فيه.. حتي أقرب الناس الي.. وتحملت وحدي نتيجة سوء اختياري,.. وشيئا فشيئا.. أصابني اليأس.. والاستسلام.. ولم أعد راغبة في اللوم أو العتاب.. أو حتي مناقشة أي شيء.. ويبدو أنه قدارتاح لهذا الوضع.. وازدادت سعادته.. نعم سعادته.. لقد كان يردد دائما لي ولكل من حوله.. أنه سعيد جدا جدا.. لأنه أحسن الاختيار.. وأنه إذا رجعت إليه وأتعجب.. ابتسم.. واسكت.. هذا الغبي.. لم يفهم مطلقا أن استسلامي ويأسي منه.. كان المرحلة المتقدمة جدا من الكراهية له.. نعم.. لم يفهم أبدا أنني قد تجاوزت حد الكراهية بكثير.. حتي وصلت الي ماأنا فيه.. إلي ان جاء يوم.. واكتشف إصابته بالمرض اللعين.. وأقسم لك بأنني رغم كل شيء.. قد عاملته بما يرضي ربي.. وكنت أضع نفسي دائما مكانه.. وخدمته كما لو كنت زوجة محبة.. حتي أنني كنت أسمع الثناء علي ممن حولي.. وكنت أتعجب لهم.. اذ أنني كنت أفعل ذلك من تلقاء نفسي دون انتظار لشكر ولا ثناء.. وبحكم تربيتي الدينية والأخلاقية فقط..
ويبدو ياسيدي أن ضميره قد استيقظ في هذه الفترة.. فأخذ يردد عبارات الشكر لي.. بل الاعتذار دون الدخول في التفاصيل.. وأخذ يطلب مني كثيرا أن أدعو له.. حتي يرضي ربه عليه.. وفي أواخر أيامه.. شعرت بأنه يريد أن يقول شيئا.. وكان قد وصل إلي مرحلة من المرض. جعلته لا يقوي علي الكلام.. ولكني سألته وبصعوبة شديدة.. قال إن مايريد قوله لي.. قد كتبه في رسالة بعث بها إليك.. ونشرتها في وقتها.. ولكن لأنك حجبت بعض تفاصيلها فإني لم أفهم وقتها أنه هو من أرسلها.. وأخبرني بالعنوان الذي نشرت تحته والوقت التقريبي لنشرها.. وطلب مني أن ألجأ إليك وأحاول الحصول علي أصل هذه الرسالة.. إذ أنها تضم كل مايريد قوله لي ولا يقوي عليه..
وبعد الوفاة, نسيت هذا الموضوع تماما, وانشغلت بأشياء كثيرة ومشاكل متعددة فرضتها الظروف الجديدة.. وبعد أن هدأت الأمور نسبيا.. تذكرت فجأة هذا الموضوع.. وقررت أن أكتب لأسألك عن هذه الرسالة, فهل تحتفظون بالرسائل القديمة ؟, بأي طريقة للحفظ.. لقد مضي علي نشرها أكثر من أربع سنوات, إذ أنه كتبها في بداية إصابته بالمرض.. فهل من الممكن الحصول عليها أم لا.. وماهي الطريقة التي تمكنني من ذلك, مع مراعاة السرية التامة.. بالطبع في ذلك.. ولك الشكر إذا تفضلت بالرد.. والشكر أيضا لتحملكم مشاكلنا.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول: ياإلهي.. هذا توصيف جديد لنوع من المشاعر أحسب أنني لم أطلع عليه من قبل في رسالة سابقة.. فلقد وصفت مشاعرك تجاه زوجك الراحل بأنها كانت قد تجاوزت حد الكراهية له, الي مرحلة الاستسلام للواقع يأسا من أي أمل في الإصلاح, فكأنما أردت أن تقولي لنا أن مشاعرك تجاه زوجك قد تخطت حاجز الكراهية له.. إلي مرحلة التعامل معه كما يتعامل المرء مع بعض حقائق الحياة الكبري التي لا حيلة له فيها.. ولا مناص له من التسليم بها رضي ذلك أم أبي, كالموت والمرض والماضي والتشوهات الجسدية التي خلق بها الإنسان!
لكنها قصة أخري لا تجدي الآن مناقشتها وقد رحل الطرف المعني بها من الحياة وانطوت صفحته.. وان كانت تطلعنا في نفس الوقت علي جانب شبه مجهول من جوانب النفس البشرية التي لم تحل كل ألغازها بعد حين يتعمق الكره في نفس طرف تجاه آخر لا مفر له من العيش بقربه فتتحجر مشاعره تجاهه تحجرا نهائيا حتي ليبخل عليه من شدة اليأس منه بمشاعر الكراهية, فكأنما قد تجاوز الكره له الي عدم الإحساس أصلا بوجوده في الحياة بالرغم من رؤيته له كل حين, وأيا كان الأمر فإنني أستطيع الرجوع إلي رسالة زوجك الراحل واطلاعك عليها إذا استطعت إعانتي علي ذلك بتذكر عنوانها الذي نشرت به, فنحن بالفعل نحتفظ بأصول رسائل بريد الجمعة لنحو6 أو7 سنوات ثم نقوم بإعدامها.. ومادامت قد نشرت منذ نحو أربع سنوات فلابد أننا مازلنا نحتفظ بها حتي الآن.. فأتصلي بي مساء الاثنين المقبل بإذن الله لإبلاغي بعنوان الرسالة.. وبعنوانك لكي أرسلها لك أو أرسل إليك علي الأقل بعض الكتب التي ضمت مجموعات من رسائل بريد الجمعة خلال السنوات الماضية لعلك تجدين فيها الرسالة المشار إليها.. عسي أن يسهم اطلاعك علي هذه الرسالة في استشعار صدق ندم زوجك الراحل علي ماأساء به إليك.. وتتخففي من بعض مشاعرك السلبية تجاهه وهو بين يدي خالقه.. وحيث لا يجوز الآن إلا طلب المغفرة له.. وشكرا | |
|